حرية الفكر والعقيدة والدين
إن حرية الفكر والعقيدة والدين تعني اعتناق الفرد ما شاء من دين أو معتقد، ولكل شخص الحق في التمتع بحرية الفكر والعقيدة والدين، وأن يكون لديه حرية في ممارسة شعائر الدين الذي اختاره سواء سراً أو علانيةً، ولا يجوز أيضاً أن يجبر الفرد على دين معين ولا أن يجبر على الاشتراك في طقوس لغير دينه، ولا أن يجبر على فكر معين، وتعني حرية العقيدة والدين والفكر أيضاً أن يكون للفرد حرية تغيير ديانته ولكن ضمن حدود النظام العام والآداب.
على الرغم من نص المادة (4) من القانون الأساسي التي تجعل من الدين الاسلامي هو الدين السائد في فلسطين بشكل رسمي وعلى باقي الديانات الأخرى احترامها وقدسيتها. إلا أن هذا لا يعني أن الدستور الفلسطيني منع حق الفرد في ممارسة شعائره الدينية وفق ديانته بل حمى هذا الحق ونرى ذلك في نص المادة (18): (حرية العبادة والعقيدة وممارسة الشعائر الدينية تكون مكفولة بشرط عدم الإخلال بالنظام أو الآداب العامة) ويوضّح هذا النص أن الدستور الفلسطيني أعطى للفرد الحرية في اعتناق ما شاء من ديانة ولكن وضع عليه قيد احترام النظام العام وغيره.
إن هذا الحق كغيره من الحقوق ليس مطلق بل عليه قيود وهو غير مطلق وتكمن حدوده وقيوده: في عدم الإخلال بالنظام العام والآداب العامة.
أما من ناحية حماية هذه الحرية في الإعلانات والمواثيق العالمية فقد نص الإعلان العالمي في المادة (18): (يمتلك الشخص حق في حرية الوجدان والفكر والدين، ويشمل هذا الحق : الحرية في تغيير المعتقد أو الديانة، والحرية في إظهار المعتقد أو الدين سواء بإقامة الشعائر والممارسات والتعليم أو حتى بالتعبد، وإن كان ضمن جماعة أو حتى إن كان بمفرده، وسواء لوحده أو أمام الملأ). وقد نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (18) على:
- أن الانسان يملك الحق في حرية الوجدان والفكر والدين، ومن ضمن ذلك أن يمارس دين معين سواء بالتعبد أو ممارسة شعائره وغيرها كما ذكر في الأعلى.
- إن تعريض أي فرد لإكراه كان من شانه الإخلال بحرية هذا الفر في أن يدين بدين ما أو حتى في حريته باعتناق الدين أو المعتقد الذي يناسبه، أمر غير جائز.
- إخضاع حرية الإنسان في أن يظهرمعتقده أو دينه لا يجوز، إلامن أجل القيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية من أجل حماية النظام العام أو السلامة العامة أو الآداب العامة أو الصحة العامة أو حتى حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
ومن ناحية الشريعة الإسلامية فقد صانت هذا الحق من خلال النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة، فلم يتم فرض الإسلام على الناس بالقوة، وضمن الإسلام لكل الناس حرية المعتقد، ونستدل على ذلك من أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بقوله: (لا إكراه في الدين).
ووفق ما توضح لنا نرى أن حق الإنسان في حرية العقيدة والدين في المواثيق والإعلانات الدولية لم ترد عليه أية قيود سوى ذلك القيد المنصوص عليه في القانون الأساسي والذي يعد من الإجراءات الضرورية في أي مجتمع وذلك لتحقيق الأمن العام وحماية النظام أو الصحة العامة والآداب، أو لحماية حريات الغير.
ويرى الباحث في هذا السياق أنه بالنسبة لحرية الدين والعقيدة، فمنذ القدم نسمع عن تسامح الدين ومبادئه واحترامه للديانات الأخرى، فتشكلت لدى الفرد المسلم قناعة باحترام الغير بغض النظر عن دياناتهم وبغض النظر عن النص القانوني الذي أتى بالاعلانات والمواثيق العالمية. إن وجود نص قانوني عالمي يحمي حرية الدين والمعتقد تجعل من الفرد يعتنق ما أراد من ديانة وممارسة شعائر دينه بكل أريحية وطمئنان.